فصل: 308- باب كراهة ركوب الجَلالة، وهي البعير أو الناقة التي تأكل العَذِرَة، فإنْ أكلت علفًا طاهرًا فطاب لَحمُهَا، زالت الكراهة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تطريز رياض الصالحين



.306- باب تحريم اتخاذ الكلب إلا لصيد أو ماشية أو زرع:

1688- عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: سمعتُ رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: «مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا إلا كَلْبَ صَيْدٍ أوْ مَاشِيَةٍ فَإنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أجْرِهِ كُلَّ يَومٍ قِيرَاطَانِ». متفق عليه.
وفي رواية: «قِيرَاطٌ».
1689- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أمْسَكَ كَلْبًا، فَإنَّهُ ينْقُصُ كُلَّ يَومٍ مِنْ عَمَلِهِ قِيرَاطٌ إلا كَلْبَ حَرْثٍ أوْ مَاشِيَةٍ». متفق عليه.
وفي رواية لمسلم: «مَنْ اقْتَنَى كَلْبًا لَيْسَ بِكَلْبِ صَيْدٍ، وَلا مَاشِيَةٍ وَلا أرْضٍ، فَإنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أجْرِهِ قِيرَاطَانِ كُلَّ يَوْمٍ».
قال ابن عبد البر: في هذا الحديث إباحة اتخاذ الكلاب للصيد والماشية، وكذلك الزرع، وكراهة اتخاذها لغير ذلك، إلا أنه يدخل في معنى الصيد وغيره مما ذكر اتخاذها، لجلب المنافع ودفع المضار قياسًا، فتتمحض كراهة اتخاذها لغير حاجة، لما فيه من ترويع الناس وامتناع دخول الملائكة لِلْبَيْتِ الذي هو فيه.

.307- باب كراهية تعليق الجرس في البعير وغيره من الدواب، وكراهية استصحاب الكلب والجرس في السفر:

1690- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَصْحَبُ المَلاَئِكَةُ رُفْقَةً فِيهَا كَلْبٌ أوْ جَرَسٌ». رواه مسلم.
1691- وعنه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الجَرَسُ مَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ». رواه مسلم.
قال البخاري: باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل. وذكر حديث أبي بشير الأنصاري رضي الله عنه، أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فأرْسِل رسولك: «لا تبقينَّ في رقبة بعير قلادة، من وتَر أو قلادة إلا قطعت».
قال الحافظ: قوله: باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل، أي: من الكراهة. وقيّده بالإبل لورود الخبر فيها بخصوصها.
والذي يظهر: أنَّ البخاري أشار إلى ما ورد في بعض طرقه، فقد أخرجه الدارقطني بلفظ: «لا تبقين قلادة من وتر ولا جرس في عنق بعير إلا قطع». ولا فرق بين الإبل وغيرها في ذلك.
وقد روى أبو داود والنَّسائي من حديث أبي وهب رفعه: «اربطوا الخيل وقلدوها، ولا تقلدوها الأوتار». فدل على أن الاختصاص للإبل، فلعل التقييد بها في الترجمة للغالب.
وروى مسلم عن أبي هريرة رفعه: «الجرس مزمار الشيطان». وهو دال على أنَ الكراهة فيه لصوته؛ لأن فيها شبهًا بصوت الناقوس وشكله.
قال النووي وغيره: الجمهور على أنَّ النهي للكراهة، وأنها كراهة تنزيه، وقيل: للتحريم. وقيل: يمنع منه قبل الحاجة، ويجوز إذا وقعت الحاجة. وعن مالك: تختص الكراهة من القلائد بالوتر، ويجوز بغيرها إذا لم يقصد دفع العين، هذا كله في تعليق التمائم وغيرها، مما ليس فيه قرآن ونحوه.
فأما ما فيه ذكر الله فلا نهي فيه، فإنه إنما يجعل للتبرك به، والتعوذ بأسمائه، وذكره. وكذلك لا نهي عما يُعَلَّق لأجل الزينة ما لم يبلغ الخيلاء، أو السرف، واختلفوا في تعلق الجرس أيضًا.
ثالثها: يجوز بقدر الحاجة. انتهى ملخصًا.

.308- باب كراهة ركوب الجَلالة، وهي البعير أو الناقة التي تأكل العَذِرَة، فإنْ أكلت علفًا طاهرًا فطاب لَحمُهَا، زالت الكراهة:

1692- عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: نهَى رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الجَلالَةِ في الإبِلِ أنْ يُرْكَبَ عَلَيْهَا. رواه أبو داود بإسناد صحيح.
وفي رواية: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عَنِ الْجَلَّالَةِ وَأَلْبَانِهَا.
الجلالة: هي التي تأكل العذرة والنجاسات. وفي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص نحوه، وقال: «حَتَّى تُعْلَفَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً». ولأبي داود: «أنْ يركب عليها، وأن يشرب ألبانها».
والحديث: دليل على تحريم الجلالة سواء كانت من الإبل أو البقر، أو الغنم، أو الدجاج. وكان ابن عمر يحبس الدجاجة ثلاثة أيام، ولم يرَ مالك بأسًا بأكلها من غير حبس. وحمل الجمهور النهي على التنزيه.
قال في (الإفصاح): واختلفوا في أكل لحم الجلالة، وشرب لبنها، وأكل بيضها. فقال مالك وأبو حنيفة والشافعية: يباح ذلك وإنْ لم تحبس، مع استحبابهم حبسها، وكراهيتهم لأكلها دون حبسها.
وقال أحمد: يحرم، إلا أنْ يحبس الطير ثلاثة أيام. رواية واحدة عنه.
واختلفت الرواية عنه في الإبل، والبقر، والغنم. فروي عنه ثلاثة أيام، كالطير وهو الأظهر، والثانية: أربعون يومًا. انتهى.
قال في (الاختيارات): وما يأكل الجيف فيه روايتان. الجلالة، وعامة أجوبة أحمد ليس فيها تحريم.

.309- باب النهي عن البصاق في المسجد، والأمر بإزالته منه إذا وجد فيه، والأمر بتنزيه المسجد عن الأقذار:

1693- عن أنس رضي الله عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «البُصاقُ في المَسْجِدِ خَطِيئَةٌ، وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا». متفق عليه.
والمرادُ بِدَفْنِهَا إذَا كَانَ المَسْجِدُ تُرَابًا أوْ رَمْلًا ونَحْوَهُ فَيُوَارِيهَا تَحْتَ تُرَابِهِ. قالَ أبُو المحاسِنِ الرُّويَانِي مِنْ أصحابِنا في كِتَابِهِ (البحر) وقِيلَ: المُرَادُ بِدَفْنِهَا إخْراجُهَا مِنَ المَسْجِدِ، أمَّا إِذَا كَانَ المَسْجِدُ مُبَلَّطًا أَوْ مُجَصَّصًا، فَدَلَكَهَا عَلَيْهِ بِمَدَاسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ كَمَا يَفْعَلُهُ كَثيرٌ مِنَ الجُهَّالِ، فَلَيْسَ ذَلِكَ بِدَفْنٍ، بَلْ زِيَادَةٌ فِي الخَطِيئَةِ وَتَكْثِيرٌ لِلقَذَرِ في المَسْجِدِ، وَعَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ أنْ يَمْسَحَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِثَوْبِهِ أَوْ بِيَدِهِ أَوْ غَيرِهِ أَوْ يَغْسِلَهُ.
الحديث: دليل على أنَّ البصاق في المسجد خطيئة، فينبغي لمن بدره ذلك أنْ يبصق في ثوبه أو خارج المسجد، وإن كان في الصلاة بصق في ثوبه.
1694- وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى في جِدَارِ القِبْلَةِ مُخَاطًا، أَوْ بُزَاقًا، أَوْ نُخَامَةً، فَحَكَّهُ. متفق عَلَيْهِ.
وفي حديث أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى نخامةً في القبلة، فحكها بيده، ورؤي منه كراهة، وقال: «إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنما يناجي ربه، فلا يبزقن في قبلته، ولكن عن يساره أو تحت قدمه». ثم أخذ طرف ردائه فبزق فيه، ورد بعضه على بعض. قال: «أو يفعل هكذا».
1695- وعن أنس رضي الله عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إنَّ هذِهِ المَسَاجِدَ لا تَصْلُحُ لِشَيءٍ مِنْ هَذَا البَوْلِ وَلا القَذَرِ، إنَّمَا هي لِذِكْرِ اللهِ تَعَالَى، وَقِراءةِ القُرْآنِ» أَوْ كَمَا قَالَ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم.
في هذا الحديث: وجوب تنزيه المسجد عن النجاسات والأقذار، ويؤخذ منه تنزيه المسجد ندبًا عن البصاق، والنخامة، وأوساخ البدن الطاهرة.

.310- باب كراهة الخصومة في المسجد، ورفع الصوت فِيهِ ونشد الضالة والبيع والشراء والإجارة ونحوها من المعاملات:

1696- وعن أَبي هريرة رضي الله عنه: أنَّه سمعَ رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: «مَنْ سَمِعَ رَجُلًا يَنْشُدُ ضَالَّةً في المَسْجِدِ فَلْيَقُلْ: لا رَدَّها اللهُ عَلَيْكَ، فإنَّ المَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهذَا». رواه مسلم.
الحديث: دليل على تحريم السؤال عن الضالة في المسجد، والأمر بالإنكار على فاعل ذلك، وتعليمه بقوله: «لا رَدَّها اللهُ عَلَيْكَ، فإنَّ المَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ لِهذَا».
1697- وعنه: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَبِيعُ أَوْ يَبْتَاعُ في المَسْجِدِ، فَقُولُوا: لا أرْبَحَ اللهُ تِجَارَتَكَ، وَإِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يَنْشُدُ ضَالَّةً فَقُولُوا: لا رَدَّهَا الله عَلَيْكَ». رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ).
الحديث: دليل على تحريم البيع والشراء في المسجد.
وفيه: الأمر بالإنكار على من فعل ذلك بقوله: «لا أربح الله تجارتك».
وقال البخاري: باب ذكر البيع والشراء على المنير في المسجد. وذكر قصة بريرة.
قال الحافظ: مطابقة هذه الترجمة لحديث الباب من قوله: «ما بال أقوام يشترطون». فإن فيه إشارة إلى القصة المذكورة. وقد اشتملت على بيع وشراء، وعتق وولاء، والفرق بين جريان ذكر الشيء والإخبار عن حكمه، أن ذلك حق وخير، وبيّن مباشرة العقد، فإن ذلك يفضي إلى اللفظ المنهي عنه. انتهى ملخصًا.
1698- وعن بُريَدَةَ رضي الله عنه أنَّ رَجُلًا نَشَدَ في المَسْجِدِ فَقَالَ: مَنْ دَعَا إِلَى الجَمَلِ الأَحْمَرِ؟ فَقَالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لاَ وَجَدْتَ؛ إنَّمَا بُنِيَتِ المَسَاجِدُ لِمَا بُنِيَتْ لَهُ». رواه مسلم.
أي: إنما بنيت المساجد للصلاة، والذكر، ونشر العلم.
1699- وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّهِ رضي الله عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَن الشِّراءِ والبَيْعِ في المَسْجِدِ، وَأنْ تُنْشَدَ فِيهِ ضَالَّةٌ؛ أَوْ يُنْشَدَ فِيهِ شِعْرٌ. رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ).
الحديث: دليل على كراهة الشعر في المسجد، وهو محمول على القبيح منه، وما يشغل أهل المسجد.
وقال البخاري: باب الشعر في المسجد. وذكر حديث حسان يستشهد أبا هريرة: أنشدك الله هل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: يَا حسان، أجب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللَّهم أيده بروح القدس؟». قال أبو هريرة: نعم.
قال الحافظ: قوله باب الشعر في المسجد، أي: ما حكمه.
والجمع بينه وبين أحاديث النهي أن يحمل النهي على تناشد أشعار الجاهلية والمبطلين، والمأذون فيه ما سلم من ذلك. انتهى ملخصًا.
1700- وعن السائبِ بن يزيد الصحابي- رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ في المَسْجِدِ فَحَصَبَنِي رَجُلٌ، فَنَظَرْتُ فَإذَا عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه فَقَالَ: اذْهَبْ فَأتِنِي بِهذَينِ، فَجِئْتُهُ بِهِمَا، فَقَالَ: مِنْ أيْنَ أَنْتُمَا؟ فَقَالا: مِنْ أهْلِ الطَّائِفِ، فَقَالَ: لَوْ كُنْتُمَا مِنْ أهْلِ البَلَدِ، لأَوْجَعْتُكُمَا، تَرْفَعَانِ أصْوَاتَكُمَا في مَسْجِدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم !. رواه البخاري.
فيه: كراهة رفع الصوت في مسجد المدينة، ومثله المسجد الحرام، والأقصى، ويلحق بها سائر المساجد.
وقال البخاري: باب رفع الصوت في المساجد. وذكر الحديث.
وحديث كعب بن مالك: أنه تقاضى ابن أبي حدرد دَيْنًا له عليه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فارتفعت أصواتهما حتى سمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيته، فخرج إليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كشف سجف حجرته، ونادى: «يا كعب بن مالك، يا كعب». قال: لبيك يا رسول الله! فأشار بيده أنْ ضع الشطر من دَيْنِك. قال كعب: قد فعلت يا رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قم فاقضه».
قال الحافظ: قوله باب رفع الصوت في المسجد. أشار بالترجمة إلى الخلاف في ذلك، فقد كرهه مالك مطلقًا، سواء كان في العلم أم في غيره، وفرَّق غيره بين ما يتعلق بغرض ديني، أو نفع دنيوي، وبين مالك فائدة فيه، وساق البخاري حديث عمر الدال على المنع، وحديث كعب الدال على عدمه إشارة منه إلى أنَّ المنع فيما لا منفعة فيه، وعدمه فيما تلجئ الضرورة إليه.